مع التطور الهائل لوسائل الإعلام وتقدم العالم تطور كل شيء وتنوعت المفاهيم كالحداثة وما بعد الحداثة وما بعد الاستعمار وما بعد الامبريالية فسادت هذه المفاهيم وبرزت خصوصا بعد سقوط الإتحاد السوفييتي وظهور ما يسمي بالقطب الواحد كل هذا أدي إلي بروز ظاهرة أخري تسمي العولمة فماذا تعني العولمة؟
المبحث الأول :تعريف العولمة ونشأتها التاريخية وأسباب قيامها
لقد ظهرت الدعوة إلي العولمة أول ما ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية بعد السيطرة ...
العلمية و التكنولوجية هذه السيطرة التي أدت إلي اختزال المكان والزمان لتجعل العالم قرية واحدة تسوده إيديولوجيا واحدة ونظام واحد وبذالك عملت الولايات المتحدة الأمريكية علي نشر هذا المصطلح إعلاميا وإن كان مضمونه السياسي والاقتصادي معروف ومعلوماته منذ عقود. فالعولمة ظاهرة قديمة ومستجدة في آن واحد أو بعبارة أخرى هي لفظ جديد لمضامين قديمة .
تعود لفظة عولمة في أصلها إلي الكلمة الإنكليزية ( (Globalوالتي تعني عالميي أو دوليي أو كرويي ، وترتبط في أحيان كثيرة بالقرية ، ويصبح معني المصطلح القرية العالمية(glabavillae)أي أن العالم عبارة عن قرية كونية واحدة أما المصطلح الانكليزي(globoli zation)فيترجم إلي الكوكب أو الكونية العولمة ويرى بعض الكتاب أن مصطلح العولمة يعود إلي كثرة تداولها وشيوع استخدامها عند مختلف الشرائح الاجتماعية ثم إن لفظة العولمة ارتبطت بمجالات حياتية أخرى كالسياسة وسميت بالعولمة السياسية أي النفوذ السياسي العالمي وارتبطت أيضا بالاقتصاد والإعلام والثقافة وسميت بالعولمة الاقتصادية والعولمة الاتصالية والثقافية.
كما أن العولمة تعني حركة تدويل الاقتصاديات والمجتمعات العالمية تسقط خلالها الحدود بين الدول لتصبح المبادلات التجارية والعلاقات الاجتماعية والتأثيرات الثقافية أكثر قوة و اتصالا أحدثها نمو المبادلات علي الصعيد العالمي .
العولمة في اللغة تعني ببساطة جعل الشيء عالمي الانتشار في مداه أوفي تطبيقه وهي العملية التي تقوم من خلالها المؤسسات سواء كانت تجارية أو غير تجارية بتطوير تأثير عالمي أو ببدء العمل علي نطاق عالمي والعولمة أيضا هي عملية تحكم وسيطرة ووضع القوانين والروابط مع إزاحة أسوار وحواجز معددة بين الدول أستخدم مفهوم العولمة لوصف كل العمليات التي بها تكتسب العلاقات الاجتماعية نوعا من عدم الفصل (سقوط الحدود) وتلاشي المسافة حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد وقرية واحدة صغيرة –ومن ثم تصبح العلاقات الاجتماعية أكثر اتصالا وتنظيما .
يمكن القول أن صياغة تعريف دقيق للعولمة تبدو مسألة شاقة نظرا لتعدد تعريفاتها التي تتأثر أساسا بإنحيازات الباحثين للإيديولوجية وكلمة العولمة هي واحدة من ثلاث كلمات عربية وردت كترجمة للكلمة الانكليزية وكذالك للكلمة الفرنسية وهي مشتقة من العالم .
أما اصطلاحا فيمكن القول أن صياغة تعريف دقيق للعولمة تبدو مسألة صعبة نظرا لتعدد تعريفاتها التي تتأثر أساسا بانحياز الباحثين الأيديولوجيين واتجاهاتهم وإزاء العولمة رفضا أو قبولا.
هناك في البداية أو صافا عامة للعولمة قد تجري في التحليل الدقيق لمكوناتها وإن كانت تعطي فكرة مبدئية عن هذه العولمة التاريخية ومن ذالك مثلا التعاريف التالية :
- العولمة كما يراها / د : إسماعيل صير عبد الله : التداخل الواضح للأمور الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة والانتماء إلي وطن محدد أو إلي دولة معينة وهي درجة من درجات تطور النظام الرأس مالي العالمي .
- إلا أن الدكتور صادق جلال العظمة .يوضح المفهوم أكثر عندما يري أن العولمة تعني وصول نمط الإنتاج الرأس مالي عند منتصف القرن العشرين إلي نقطة الانتقال من عالمية دائرة الإنتاج وإعادة الإنتاج أذاتها أي عولمة الإنتاج الرأس مالي ونشرها خارج مجتمعات المركز الأصلي والدولي .
- ويراها محمد عابد الجابري: رادة الهيمنة : أي قمع وإقصاء الخصوصية و الذاتية وبالتالي فهي احتواء للعالم واختراق الأخرى وسلبه خصوصيته ونفيه من العالم عن طريق السيطرة علي الإدراك وإخضاع النفوس وتعطيل فاعلية العقول والتشويش علي نظام القيم وتوجيه الخيال وتنظيم الذوق وتوجيه السلوك فهي ثقافة جديدة إعلامية سمعية بصرية تصنع الذوق الاستهلاكي اقتصاديا والرأي العام سياسيا وتشييد رؤية خاصة للإنسان والمجتمع والتاريخ
- ويري محمد سليم أنها مشروع استحواذي جديد تسيطر فيه قوي مهيمن على بقية النظم الفرعية الموجودة بحيث تسود في النهاية مصالح الطرف القوي
شاع مصطلح العولمة مع نهاية الثمانينات وبداية تسعينات القرن العشرين في الحقول الأكاديمية ثم أصبح فيما بعد مصطلحا له دلالات إستراتيجية وثقافية واقتصادية متعددة وتتعدد التعاريف الخاصة بالعولمة في الوقت الحاضر وذلك حسب ما تركز عليه من أبعاد داخل هذه الظاهرة المبكرة .
وبوجه عام فالعولمة تعني حركة لتوليد الاقتصاديات و المجتمعات العالمية تسقط خلالها الحدود بين الدول لتصبح المبادلات التجارية والعلاقات الاجتماعية و التأثيرات الثقافية أكثر قوة و اتصالا.
ومن الناحية التاريخية فإن بداية العولمة ترتبط بعصور الاكتشاف الجغرافية والنهضة التجارية في القرنين 15و 16م والتي هيأت السبيل أمام الأوروبيين في النصف الثاني من القرن 18م ليبدءوا ثورتهم الصناعية التي بدورها فتحت أمامهم طريق الهيمنة الاستعمارية علي بقاع واسعة من العالم فسعوا إلي محاولة تغيير أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يتماشي ومصالحهم الاستعمارية .
وخلال فترة أحدث ، كان توقع اتفاقيات بريتون و ودز 1944م ثم اتفاقيات الجات 1947م والقيام بجولات مضنية من المفاوضات التجارية بين سنتي 1948 – 1994م حلقات متسلسلة علي طريق تدويل الاقتصاد العالمي توجت سنة 1994م بإنشاء منظمة التجارة العالمية ، التي انخرط فيها عدد متزايد من دول العالم منذ ذالك التاريخ حتى اليوم فأصبحت أهم أداة مجسدة لعصر العولمة حاليا،ومع ظهور العولمة كحقيقة ظهرت أصوات عديدة تناهضها إما لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو ثقافية.
اختلفت آراء الباحثين بشأن تحقيب العولمة مثل ما هو الحال في اختلافهم من ناحية تعريفها ويمكن أن نقسم اتجاهاتهم علي المحاور الأربعة التالية :
يميل أصحابه إلي الاعتماد علي الناحية التاريخية , و متابعة الإنسان منذ أن كان عبدا للطبيعة (يعيش علي ما تجود به من ثمار أو نبات ) ثم انتقاله إلي مرحلة الصيد والقنص ، ثم الزراعة وبعدها الصناعة وتوجت هذه المراحل السابقة بالمعرفة التنظيمية والعلمية التي قللت من أهمية الموارد الطبيعية وظهور الاقتصاد الرمزي صاحبه ظهور العولمة 3
يعتمد أصحاب هذا الاتجاه علي رأي رولاندروبرستون والذي سيعترضه السيد ياسين إذن روبرستون صاغ نموذج تطور العولمة مقسما علي المراحل الخمسة
-المرحلة الخمسة التي تمتد ما بين القرن الخامس عشر و حتى منتصف القرن الثامن عشر .
- مرحلة النشوء وتبدأ من منتصف القرن الثامن عشر حتى عام 1870 م وما بعده
- مرحلة الانطلاق: من عام 1870م إلي العشرينيات من القرن العشرين
- الصراع من أجل الهيمنة هذه المرحلة تمتد ما بين العشرينات و حتى منتصف الستينيات
مرحلة عدم اليقين بدأت منذ الستينيات وأدت إلى اتجاهات وأزمات في التسعينات ولكل مرحلة من هذه من المراحل سمات مميزة يبدأها روبرت سون من ظهور المجتمعات القومية إلى تبلور مفاهيم العلاقات الدولية وحدوث الحرب العالمية الأولى ونشأت عصبة الأمم وإلقاء القنبلة الذرية على اليابان ومن ثم هبوط الإنسان على القمر ونهاية الحرب الباردة.
يرى أصحابه بأن ظهور العولمة يرتبط بانتعاش الاقتصاد الأوروبي في نهاية الخمسينات وسببه إزالة القيود النقدية على المدفوعات بالدولار وزيادة التجارة الدولية إذا زادت حجم التبادل التجاري بين عامي1950ـ1973بنسبة9،4% لكن مرحلة الثمانينات زادة تدفق الاستثمارات الأجنبية بنسبة200% وتعود زيادة الاستثمارات الأجنبية إلى إزالة القيود علي حركة الرسامل وقيام بعض الدول النامية ودول الكتلة الاشتراكية بإزالة القيود على المدفوعات الخارجية وإزالة القيود هذه ساهمت في تحسين نسبة التجارة الدولية وهذا هو السبب الأول لظهور العولمة أما السبب الثاني فهو تبني الدول الرأس مالية مبدأ الخصخصة وفرضه من قبل تلك الدول على الدول الاشتراكية ودول العالم الثالث والسبب الأخير لظهور العولمة هو تفاقم المضاربات المالية بالعمولات القابلة للتحويل وبلغ المجموع السنوي لهذه العمولات عام 1995م حوالي 73 مرة حجم الصادرات الدولية من سلع وخدمات في ذلك العام هذه الأموال يسميها اللاعبون الرئيسيون الذين يحركونها باسم الاستثمارات المصرفية .
يعتمد أصحابه على ما طرحه (جان شولت (j.cholt) من مجموعة أحداث التي مهدت لظهور العولمة يبدأها من سنة 1966م وما رافقها من ظهور أول خدمة دولية للتلغراف عبر المحيطات وتوقيت غرينتش وظهور الراديو، وانتقال الأموال من دون فرض ضرائب وإطلاق أول قمر صناعي سنة 1953م. ثم أول اتصالات دولية عبر الأقمار الصناعية ثم المؤتمرات الدولية للتنمية البشرية و البث عبر الأطباق المقامة على سطوح المنازل سنة 1976م وصولا إلى سنة 1977م الذي تم فيه ربط كامل من الأنسجة البصرية حول العالم ،الأمر الذي سهل عملية استخدام الوسائط المعددة و المحمولة ،(و يعتمد بعض أصحاب هذا الرأي على رأي (جان شولت) قي تبرير كون العولمة ليست (أمركة) بدليل أن هذه الحوادث السابقة الذكر نشأت بعيدا عن رغبة أي زعيم سياسي ، بل إنها نشأت بفعل مجموعة من العوامل و التطورات السياسية والثقافية والتكنولوجية والاقتصادية أفرزتها عقول البشر عبر مسيرتها الطويلة.
9 )ـ محمد الأطرش ـ العرب والعولمة: ما العمل؟ ـ المستقبل العربي ـ ت ـ العدد 229
مارس1998م ، ص:105.
10 )ـ أحمد ثابت ـ العولمة والخيارات المستقبلية ـ المستقبل العربي ـ العدد 24فبراير1999م. ص21
11 )ـ عبد الجليل كاظم الوالي ـ مرجع سبق ذكره ، ص:16
و من أجل تفصيل الدراسة السابقة تعطي في الأخير مجموعة الأحداث التي مهدت لظهور العولمة و التي أوردها (جان شولت J.sholt ـ أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سان تكس) في كتابه بعنوان ـ مقدمة نقدية الصادر 1998م ـ علي النحو التالي:
ـ سنة 1866م أول خدمة دولية للتلغراف عبر المحيطات.
ـ سنة 1884م إدخال نظام للتنسيق علي مستوي العالم للساعات وفق لتوقيت غرينتش.
ـ سنة 1891م أول إذاعة الراديو من محطة .d.k.a k..الأمريكية.
ـ سنة 1929م أول نظام للانتقال الأموال عبر الحدود الدولية من دون فرض ضرائب في لكسمبورغ.
ـ سنة 1930م خطاب الملك جورج الخامس في افتتاح مؤتمر للبحرية البريطانية في لندن الذي ربط بين 242 محطة للبحرية الإنجليزية عبر ست قارات في آن واحد.
ـ سنة 1949م إدخال نظام العطلات المترابطة الذي شجع السياحة العالمية علي نطاق واسع.
ـ سنة 1955م أول مطعم لماكدونالدز سنة 1957م.
عصر القذائف لبلاستيكية العابر للقارات.
ـ سنة 1957م إطلاق أول قمر صناعي في الفضاء الخارجي.
ـ1962م أول طائرة نفاثة واسعة الحجم من نوع أبويينك747.
ـ سنة 1971م إنشاء أول نظام إلكتروني لأسعار صرف الأوراق المالية.
ـ سنة1972م أول مؤتمر دولي للتنمية البشرية.
ـ سنة 1974م الحكومة الأمريكية تزيل القيود عن أسعار صرف العملات لأجنبه.
ـ عام1977م أول استخدام تجاري للكابلات المصنوعة من الأنسجة البصرية التي عملت علي زيادة القدر الاتصالية اللاسلكية.
ـ1977م إ تمام ربط كامل من الأنسجة البصرية حول العالم، الأمر الذي سهل عملية لاستخدام الوسائط المتعددة والمحول وغيرها.
وبالرغم من الدلالات الواضحة التي تعطيهم هذه النتائج علي تطور ظاهرة العولمة إلا أن السؤال المطروح هو كيف تكون هذه الظاهرة؟ هل تشكلت أو تتشكل تلقائيا؟ أم أنها موجبة؟ التي هي أداة جديدة للنظام الدولي القديم تتكيف مع تطور التاريخ و مع المتغيرات العصرية تقصد استمرار الهيمنة.
وفيما يلي نموذج تطور العولمة الذي صاغه (رو بر سترون) علي النحو التالي:
المرحلة الجنينية :(1500ـ 1750):استمرت في أوروبا منذ أوائل القرن الخامس عشر حتى منتصف القرن الثامن عشر وشهدت نمو المجتمعات القومية وإضعاف للقيود التي كانت سائدة في القرون الوسطي كما تعمقت الأفكار الخاصة بالفرد والإنسانية وسادت نظرية عن العالم وبدأت الجغرافية الحديثة.
ـ مرحلة النشوء(1750ـ 1870): استمرت في أوروبا أساسا منتصف القرن الثامن عشر حتى عام 1870م وما بعده فقد حدث تحول في فكرة الدولة المتجانسة الموحد ة و حدث تبلور المفاهيم الخاصة بالعلاقات الدولية وبالأفراد باعتبارهم مواطنين لهم أوضاع مقننة قي الدولة ونشأ مفهوم أكثر تحديدا للإنسانية وزادت إلى حد كبير الاتفاقيات الدولية و نشأت المؤسسات الخاصة بتنظيم العلاقات و الاتصالات بين الدول وبدأت مشكلة قبول المجتمعات غير الأوروبية في المجتمع الدولي وبدء الاهتمام بموضوع القومية وكذالك موضوع العالمية.
ـ مرحلة الانطلاق:(1870ـ1920):استمرت من عام 1870م وما بعده حتى العشرينات من القرن العشرين وظهرت مفاهيم كونية مثل (خط التطور الصحيح، والمجتمع القومي(المقبول)
وظهرت مفاهيم تتعلق بالقوميات وتم إدماج عدد من المجتمعات غير الأوروبية في المجتمع الدولي وبدأت عملية الصياغة الدولية للأفكار الخاصة بالإنسانية و محاولة تطبيقها وحدث تطور هائل في عدد وسرعة الأشكال الكونية للاتصال وتمت المنافسة الكونية كالألعاب الأولمبية وجائزة نوبل وتم تطبيق فكرة الزمن العالمي و وقعت الحرب العالمية الأولى وأنشأت عصبة الأمم.
ـ مرحلة الصراع من أجل الهيمنة (1920ـ1965): استمرت من العشرينات حتى منتصف الستينيات وبدأت الخلافات ولحروب الفكرية حول المصطلحات الخاصة بعملية العولمة و التي بدأت في مرحلة الانطلاقة .
ـ مرحلة عدم اليقين:(1965ـ1990) : بدأت منذ الستينات و أدت إلى اتجاهات و أزمات في التسعينات وتم إدماج العالم الثالث في مجتمع العالمي و تصاعد الوعي الكوني وحدث الهبوط علي القمر و أزد ا د ت المؤسسات الكونية و الحركات العالمية و أصبح النظام الدولي أكثر سهولة وازداد الاهتمام بالمجتمع المدني وتم تدعيم الإعلام الكوني.
كان لمفهوم العولمة التي ظهرت منذ بداية التسعينات الميلادية منذ القرن الماضي عدة عوامل وأسباب أدت إلى ظهورها و لعل من أبرزها كما نرى:الاقتصاديان العربيان جلال أمين و عبد المنعم :
أولا:إ نهيا ر الاتحاد السوفييتي : لقد أدي انهيار الإتحاد السوفيتي إلي مفهوم القطب الواحد من جعل الولايات المتحدة الأمريكية لتنفرد بالسيطرة علي العالم وبسط النفوذ عليه
ثانيا : الزيادة الكبيرة في درجة تنوع السلع والخدمات التي تتبادلها الأمم. وكذلك تنوع مجالات الاستثمارات التي تتجه إليها رؤوس الأموال من بلد إلي آخر وكذلك قيام بعض الدول النامية ودول الكتل الاشتراكية بإزالة القيود على المدفوعات
3) ارتفاع نسبة السكان التي تتعامل مع العالم الخارجي وتتأثر به داخل كل مجتمع
4) التطور الهائل لوسائل الاتصال والمعلومات والقنوات الفضائية.
فقد كان تبادل السلع ورؤوس الأموال هو المسيطر على العلاقات بين الدول حتى وقت قريب ثم بدأ تبادل المعلومات و لأفكار ليصبح هو العنصر الغالي علي هذه العلاقات فالعلوم التقنية صارت هي المحرك الرئيس .الاقتصاد العالمي ويصعب اليوم فهم القواعد الأساسية للتنمية
5) نمو التجارة العالمية بمعدلات كبيرة نتيجة لتحرير تجارة السلع والخدمات حقوق الملكية الفكرية
6) ظهوراقطاب صناعية جديدة من العالم خاصة في أسيا منها النهور الأربعة هونكونك كوريا الجنوبية و صنكفورة وتايوان والنهور السبع أندنوسيا وماليزيا الفلبيني– الصين – الهند باكستان – تايلاند – ويأتي تأثير هذا العام بوصف هذه الدول مصدرة ومنافسة لصناعات الدول العربية العريقة
عملت العولمة علي إعادة تشكيل العالم علي أسس وقواعد جديدة مستخدمة بذلك الوسائل والآليات التي مكنتها من ذلك ولعل من أهم وابرز تلك الوسائل ما يلي:
- منظمة التجارة العالمية
- صندوق النقد الدولي
- البنك الدولي
منظمة التجارة العالمية : لقد نشأت هذه المنظمة وظهرت إلي حيز الوجود ابتداء من فاتح يناير 1995 م وقد كان لنشوء هذه المنظمة عدة أسباب
أولا: اشتداد الصراع بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي علي المصالح في العالم ومن ذلك الصراع بين شركاتها المتعددة الجنسيات علي تقاسم مناطق النقود في العالم من ما استدعى وجود تنظيم تجاري دولي يحد من ذلك الصراع
ثانيا : عيوب اتفاقية الجات ومنها وجود ثغرات قانونية فيها وخاصة في مجالي الزراعة و المنتجات فمثلا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تقنع اليابان والصين في إطار الجات بفتح أسواقها أمام السلع الأمريكية هذا بالإضافة عدم شمول الجات لتجارة الخدمات وصفوف الملكية الفكرية وعدم وجود آلية دولية فيها جل النزاعات التجارية العالمية .
ثالثا : خروج رؤوس أموال الشركات الكبرى من الدول الصناعية :
واستطاعت الدول النامية ، إضافة إلي أن الدول المتقدمة أصبحت تنوء بأعباء تنوء بأعباء ثقيلة بسب حمايتها لأسوا قها المحلية وخاصة دعم المنتجات الزراعية وتصريف الفوائض منها،وقد واكب ذلك شكاوي من بعض الشركات المعينة ، وبحكم وضع البلدان الغربية وتركيبتها السياسية والعلاقات بين رجال السياسة ورجال المال وحاجة الحكومات الغربية لتحديد الأوضاع الدولية لمصلحة شريكاتها .
رابعا: انهيار العسكر الاشتراكي وما تلاه من تحول معظم دوله إلي نظام السوق فكان ذلك فرصة لطبع تلك الإقتصادات الجديدة بالطالع الرأس مالي مع الاستفادة من الفرص التجارية الضخمة في تلك البلدان النامية بترك سياسة احلال الواردات وأتباع سياسة تشجيع الصادرات وما صاحب ذلك من خصخصة كثيرة لمؤسسات القطاع العام فيها.
وهذا شجع الدول الغربية وشريكاتها علي المساهمة في ملكية تلك المؤسسات
خامسا : أثبتت المنظمات الدولية أنها أداة قوية ناجحة لتهيئة أوضاع مناسبة للدول الصناعية وتمرير حلول ومقترحات تصب قي مصلحة تلك الدول وحل كثير من المشكلات الاقتصادية التي تمهد التوسع الكبير في مبيعات الدول الصناعية مع مراعاة قبول الدول الأخرى لقراراتها كونها صادرة من منظمات دولية لذلك أنشأت منظمة الـتجارة العالمية وربطت بالبنك الدولي ربطا إداريا وعضويا لتكتمل مهمة تحقيق تلك المصالح في الجانب التجاري وهكذا كانت هذه الأسباب مجتمعة هي السبب في قيام منظمة التجارة العالمية وقد مرت هذه المنظمة بعدة مراحل ففي عام 1947 م وتحديدا في جنيف تمت ألاتفاقية العالمية للتعريفات الجمركية والتجارية وهي اتفاقية تعمل دور المراقب للتجارة العالمية كما أنه يحق للدول الموقعة عليها العمل ببعض بنودها دون الآخر .
إن العولمة في جانبها الاقتصادي اتخذت شكل تيار متصاعد هادر من أجل فتح الأسواق و انفتاح كل دول العالم علي بعضها البعض وقد تزامن هذا التيار تزامن حركة نهوضية من أجل تحديد وتطوير بنية الإنتاج في اقتصاديات دول التخطيط المركزي وتحويلها إلي إقتصاد السوق وما أحدث ذلك من تفكيك هائل وإنكشاف خارجي ضخم قي هذه الدول وفي الوقت ذاته وقعت دول العالم الثالث ضحية إزدواجية إنفصامية شاذة ما بين رغبة في تحقيق الانفتاح الاقتصادي وما بين غزيرة الدكتاتورية المسلطة سياسيا واقتصاديا مما أفرز نموذجا رهيبا من الفساد الاقتصادي و السياسي صنع اقتصاديات هشة أطلق عليها (إقتصاديات الفقاعة ) كان من أبرز معالمه انهيار اقتصاد دول النهور الآسيوية وتراجع معدلات التنمية في دول النفط البترولية وابتلاع رؤوس الأموال منتجي السلاح من الدول الكبرى والتي وجدت في إشعال نيران الحروب الحدودية وتأجير جيوشها من أجل الحماية وسيلة سهلة لتأمين موارد هائلة لتمويل موازناتها والإنفاق علي برامجها الاقتصادية والاجتماعية خاصة برنامج تحديد نظم الإنتاج و الأرتقاء بنظم التسويق والتمويل والتنمية للكوادر البشرية.
ويري كل من (شومان ومارتن 1996) أنه مع العولمة يزداد تركيز الثروة وتتسع الفروق بين البشر والدول اتساعا لا مثيل له وهما يشيران إلي أن 358ملياردير في العالم يمتلكون ثروة تضاهي ما يمتلكه 2.5 مليار من سكان المعمورة وأن هناك 20 %من دول العالم تستحوذ 85% من الناتج الإجمالي
وعلي 84 %من التجارة العالمية ويمتلك سكانها 85% من مجموع المدخرات العالمية وهذا التفاوت القائم بين الدول يوازيه تفاوت آخر داخل الدولة نفسها
عندما تتجرد المجتمعات من ذاتيتها تصبح مؤهلة لإكتساب هوية جديدة هوية أكثر اتساعا وأسع مدى وأكثر قبولا عن شخصيتها السابقة وهي في الوقت ذاته منتجة إلي مجالات أكثر فعالية وهو ما ظهر لنا من خلال دراسة تأثير العولمة علي المجتمعات المتخلفة حيث أتضح لنا أن العالم في تطوره وتحوله بفعل ظاهرة العولمة يتجه إلي كونية جديدة كونية تفوق كافة الأشكال التقليدية المعروفة والتي عرفها العالم من قبل وتكتسب هذه الأشكال في اتجاهها نحو العولمة قوة دافعة مفعمة بالحركة تدفع إليها قوي حيوية وإثارة ذات أبعاد وجوانب اقتصادية و تكنولوجية وبيئية دائمة التطور ودائمة التوسع ودائمة الإلحاح تطلب التكامل وتحرص على التكيف والتوافق والانسجام وكل ذلك يتم
- بسرعة فائقة لا توجد معها فواصل زمنية أو وقت لإعادة التفكير أو للمراجعة الذاتية
- إصرار ومثابرة فائقة لا توجد معها أي احتمال للتراجع أو النكوس عن الاتجاه أو المصير المحتوم
- استلاب وعي البشرية وإرادتها لصالح قوي عظما مهيمنة علي الوعي وعلي الإرادة وعلي الإدراك
- طوفان من المعقول أولا معقول أو من السلوكيات والتصرفات النمطية مثل الوجبات السريعة و استهلاك الواسع من الدخل المبتدأ
- طوفان من الموسيقي السريعة الصاخبة التي تفرق الفرد في إطار مجموع أشد صعبا وضجيجا
- طوفان من أجهزة الاتصالات والحاسبات الفائقة السرعة والقدرة والذكاء والبرامج عالية الكفاءة والتي تخلق مصادر جديدة من القوة.
لقد أدى هذا كله إلي تحول فعال وملموس من الناحية الاجتماعية من تجمعات قبلية وأسرية إلي تجمعات دولية وقومية وتجمعات إقليمية وفوق قومية بكل ما بها من ترتيبات اجتماعية وترتيبات علاقات وتقاليد ونظم حاكمة
إن العولمة تلقي جذور الدول وتقيم مجتمعا كونيا متصلا بدون فواصل زمنية وجغرافية مجتمعة، تختزل حدود المكان وحدود الزمان وتحقق هذا كله وتعمل علي الارتقاء به التكنولوجيا الاتصالية التي أعطت هذا الجانب لعملية العولمة فالتكنولوجيا الاتصالية المتقدمة هي التي ساعدت علي توحيد المكان والزمان في وحدة واحدة وجعلت كل حديث حاضرا ونتاج معرفة لحظة حدوثه انتهي عصر المدجنة و بدأ عصر صناعة المعرفة وأنتقل العالم خلال نصف قرن من إقتصاد الندرة إلى إمكانية إقتصاد الوفرة إن 2% من 120 مليون عامل أمريكي يشتغلون في الزراعة يستطيعون إطعام العالم بسكانه
إن العلوم والتكنولوجيا الحديثة المتوفرة بإمكانها حل أزمة الجوع والفقر والمرض والبؤس في العالم لو توفرت أنظمة سياسية اقتصادية تنطلق من وحدة الإنسانية وتؤمن بالعدالة الاجتماعية ومركزية الإنسان في هذا الكون و تتطلع إلى عالم قاعدته المساواة والحرية والديمقراطية
تؤثر العولمة تأثيرا كبيرا على القوانين والتشريعات من حيث توحيد المجموعات القانونية وتوحيد المفاهيم والمصطلحات القانونية بل وازدياد دور التشريع الدولي في حكم العلاقات مابين الدول داخل نطاق كل دولة أيضا لقد حدثت تغيرات كمية وكيفية في مجال التشريع الدولي وأصبحت تتم في نطاقها العمليات التي لا تعوقها الحدود الإقليمية للدول والتي لا تغير من طبيعتها و من طبيعة مركزها القانوني قوانين محلية تتعارض مع القانون الدولي العام و الخاص ومن ثم فإن توحيد التشريعات سوف يدفع إلى انتشار الممارسات تعبر الحدود سواء كانت هذه الممارسات اقتصادية – سياسية – ثقافية- اجتماعية – إنسانية
المطلب الخامس : المظاهر السياسية
تختلط الأمور السياسية بالأمور الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية فهي مرتبطة ارتباطا وثيقا ببعضها البعض وهي بالتالي تصب في نفس الاتجاه المعلوم فالعولمة السياسية هي إنهاء الحدود بين الدول وبروز حكومة عالمية واحدة بحيث تتأثر كل دولة بما يجري حولها من الدول و إن كانت هذه الحكومة غير مسماة باسمها و ما نراه من أدوار سياسية تلعبها الولايات المتحدة بنفسها أو من خلال مجلس الأمن هو تأكيد لكل ما نشاهده كل يوم في أجزاء كثيرة من المعمورة
وكذلك فإن العولمة السياسية كما يراها الدكتور حسين علوان تعني نشر المفاهيم الديمقراطية الليبرالية و تعميمها و ما يصاحب ذلك من رفض و إنهاء السلطوية و الشمولية في الحكم, وتبني التعددية السياسة و الالتزام لاحترام حقوق الإنسان و كذلك استخدام الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان في العالم والحماية الدولية للأقليات و التدخل الدولي الإنساني و غيرها من آليات ما يعرف بالنظام الدولي الجديد و العولمة فرضت على الدول تخفيض أعداد الجنود وخفض ميزانياتها العسكرية بل أكثر من ذلك حيث أصبح على الدولة أن تقوم بتفكيك نفسها و أن تسلم مهامها ووظائفها الواحدة تلو الأخرى لتتولاها الشركات الدولية العملاقة أو المؤسسات الدولية فتصبح دولة لها كل المظاهر الخارجية لدولة ذات سيادة وتباشر صوريا كل المهام التي كانت تباشرها من قبل و لكنها في الحقيقة تكاد تنحصر وظيفتها في الإخلاء والتسليم للأجانب مع القيام بالترويج لهذه الوظيفة و الزعم بأنها تحقق المصلحة العامة و مصلحة الأمة .
المطلب السادس : المظاهر الثقافية
تمثل العولمة تحديا ثقافيا غير مسبوق تحديا ذو طابع ارتقائي خاص قائم علي الاجتياح الثقافي ويتم هذا الاجتياح علي ثلاث آليات هي:
لآلية الأولي :تفقد الدول الصغيرة ثقافتها تحت ضغط الاجتياح الثقافي العالمي و تبدأ في التخلي بالتدريج عن خصائصها الثقافية المتعددة لصالح الثقافة العالمية الواحدة .
الآلية الثانية : الانقسام و التفكك التشرذم الداخلي ، وظهور الشروخ والصدع الثقافية والحضارية وظهور الثقافة الوطنية في صورة باهتة عاجزة عن تقديم التصورات وعن تقديم الشخصية الراقية ،في الوقت الذي تظهر فيه ثقافة العولمة الزاهية الألوان والارتقائية .
الآلية الثالثة : ظهور روابط وجسور وأدوات تحليلية مهمتها الرئيسية إيجاد معايير يتم العبور عليها إلى الثقافات العالمية و الوصول بالفكر الثقافي العالمي إلى أرجاء المعمورة ،و من ثم يحدث نوع من التواجد الثقافي .
إن تأثير عولمة الثقافة غير محدود بل إنه أمر قد يكون مغايرا تماما لما يميله من توحيد بين عدة حقائق متباينة و بين اتجاهات مختلفة و علي الجميع أن يقبل دعواها.وأن يوافق علي آراءها. وقبولها كبديهية يتم التوصل إليها وعدم مقاومتها .
لقد أصبحت ثقافة العولمة قوة توسعية نافذة إلى داخل كل وطن وكل دولة وكل شعب ويكفي مجرد حدوث حدث معين أن يلقي بتأثيره و يفرض ذاته علي الكون المتسع .
الفصل الثاني
التأثيرات الاقتصادية للعولمة على الدول الناميةتغطي الدول النامية مساحات واسعة من العالم تشمل معظم آسيا و إفريقيا وأمريكا اللاتينية ويعيش فيها ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان العالم لذلك لم يكن غريبا أن تهتم الاقتصاديون بدراسة الاقتصاد النامي بهدف دراسته مشكلاته و إمكانيته وخاصة أن الدول النامية تمتلك من الموارد الطبيعة ما لو أحسن استغلاله واستثماره لتحسين احو اله المادية وخرجته من هوة الفقر والتخلف التي تعيش فيها إن بلدان العالم الثالث ما زالت ضحية الاستغلال السياسي بل انه في بعض الحالات تعمق واشتدت وطأته حيث ضعفت يقظة القوة الوطنية إزاء الاستعمار بعد انسحاب جيوشه وحكامه وموظفيه وقد تتعرض دول العالم الثالث ذات الثروات الطبيعية إلي استغلال اشد في درجته وكيفيته في التحليل الدقيق بين وجود اتجاهات لرفع معدل الاستغلال كلما زادت الثروات التي يملكها البلد وخصوصا في ظل العولمة وما تنطوي عليه من تقليص لسيادة الدول وحيويتها وفي ظل اتساع الهوة بين الفقراء و الأغنياء في العالم
المبحث الأول: البلدان النامية وخصائصها الاقتصادية
بعدد انتهاء الحرب العالمية الثانية وما أحدثته من تغيرات سياسات واجتماعية شهد العالم استقلال الكثير من الدول وظهورها كوحدات سياسية مستقلة بعد أن كانت واقعة تحت نير الاستعمار وقد اتجهت كثير من هذه الدول نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتعويض شعوبها عن فترات الحرمان الطويل إبان عهد الاستعمار ،حتى تشعر هذه الشعوب بفوائد الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي و حتى تستطيع امتصاص الفائض من اليد العاملة ورفع مستوى معيشة السكان وقوتهم الشرائية ، و تبعة هذه الدول في سبيل ذلك طرق مختلفة صح بعضها وفشل البعض الأخر
وهذه الشعوب هي فقيرة بالطبع إذ قورنت بشعوب دول غرب أوروبا والولايات المتحدة
وقد أطلق على شعوب هذه المستعمرات السابقة أسماء كثيرة خلال النصف الأول من هذا القرن فأطلق عليهم أحيانا اسم الشعوب البدائية أو الشعوب المتأخرة أو النامية أو دون المتطورة أو الأقل تطورا أو التي في طريقها إلى التطور.....إلخ
وقد استمر استخدام لفظ الشعوب البدائية أو الشعوب المتأخرة على سكان هذه الدول حتى أواخر الخمسينات وعند ما حصلت الكثير من هذه الدول على مقاعدها في الجمعية العمومية للأمم المتحدة ورغبتنا في مراعاة شعور مندوبي هذه الدول الذين يرفضون وصف بلادهم بالتخلق فقد شاع لفظ الدول السائرة في طريق التطور أو الدول سريعة التطور غير أن اللفظ المألوف في الوقت الحاضر هو الدول النامية
المطلب الأول: مفهوم البلدان النامية
البلدان النامية أو بلدان العالم الثالث أو على الأصح البلدان المتخلفة هي تلك البلدان التي لم تعرف إلا تنمية جزائية بفعل الاستعمار الذي مورس عليها قديما و التبعية الكاملة المفروضة حديثا وقد أطلق هذا الاسم على مجموعات الدول المستقلة حديثا وهي التي لا تنتمي للعالم الأول الرأس مالي ولا إلى العالم الثاني الاشتراكي وهم معظم دول القارات الثلاثة الجنوبية ( اقر يقيا . آسيا . أمريكا اللاتينية ) إلا انه لم يوجد حتى ألان تعريف جامع لهذا المصطلح من قبل الاقتصاديين وان كانوا أعطوا تقريبا أو تميزا له أو مقياسا اسمه التخلف و الذي عرفه الاقتصادي الفرنسي GASTON LAOC بأنه عدم الاستثمار الأمثل لكافة الموارد الاقتصادية والبشرية الموجودة في بلد ما استثمار أمثل إلا أن هذا التعريف يؤخذ عليه إمكانية تطبيقه على الدول المتقدمة ذاتها أي بمعنى أن استغلال الموارد البشرية نسبي لا يمكن حصوله بصفة تامة في أي بلد ويري زميلهIFLAGQUST أنه من لأفضل تعريف التخلف بأنه خلل مستمر بين النمو السكاني والركود الاقتصادي وبذلك يعتبر البلد متخلقا إذا كانت له موارد اقتصادية لا تغطي حاجيات سكانه بصفة عامة إما QANMOGY فيري أن التخلف يعود إلى افتقار إلى رأس المال التقني أساس وبناء على ذلك يعرف التخلف بأنه عدم كفاية رأس المال التقني بالنسبة للموارد الطبيعية القابلة للاستغلال ويري هذا الاقتصادي بأن تعريفه للتخلف يتمتع بعدة مزايا لأنه تشمل ضمني معظم المظاهر التي تستخدم عادة لتعريف التخلف مثل تدني متوسط الدخل الفردي وانخفاض حصة الفرد من رأس المال والتخصص في بتصدير المواد الأولية على أساس أن البلد عاجز عن تصنيعها محليا ويدعم هذا الرأي الاقتصادي اليوناني وسكير لانك بالقول أن الاقتصاد المتخلف هو اقتصاد لا يكفي مجموع رؤؤس الأموال المتوفرة فيه لاستخدام اليد العاملة المتاحة وهو ما ينتج منه أن التخلف يعني عدم القدرة على استغلال الموارد السكرية والطبيعية بالاعتماد على النفس وفقا لأحدث تقنيات الإنتاج وهناك كتاب آخرون ينصرفون إلى تعريف التخلف انطلاقا من مقارنة مستوى الاستهلاك والرفاهية المادية في الدول المغلقة مع مثله الدول المتقدمة ،فمثلا يقول الدكتور محمد زكي الشافعي بأن البلدان المتخلفة هي التي يقل مستوى الاستهلاك والرفاهية المادية لسكانها عن نظيراتها في البلدان المتقدمة مع إمكانية تحسين النشاط الاقتصادي بوسائل واضحة ومعروفة أما خبراء الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها فغالبا ما يعرفون البلد النامي بمؤشر إحصاء معين مثل مؤشر الدخل الفردي فمثلا يقولون بأن كل بلد يقل دخل الفرد فيه عن ألف دولار هو بلد متخلف وعلى هذا الأساس يقسمون العالم إلى دول متقدمة ( مرتفعة الدخول ) ودول متخلفة ( منخفضة الدخول ) إلا أن هذا التعريف غير وارد فهناك بعض الدول مرتفعة الدخول كالدول النفطية مثلا ومع ذلك هي تعد في نطاق الدول النامية كما أنه لا يعكس كيفية توزيع هذه الدخول واستعمالها أي بمعنى أنه لا يحدد مصدر هذه الدخول من الناحية الإنتاجية المطلب الثاني : خصائص الدول النامية
الناحية الاقتصادية - نسبة كبيرة من السكان تعمل بالزراعة (بين 70% و80% ) من القوى العالمية
- عدم توفير العمل أو فرص التوظيف خارج الزراعة
- نقص نصيب الفرد من الدخل من رأس المال
- انخفاض نصيب الفرد من الدخل مستوى المعيشة منخفض يصل إلى حد الكفاف
- نقص الادخار واختفائه بالنسبة للعدد الأكبر من السكان
- إذا توفر رأس المال عند بعض الملاك فإنهم يستثمرونه غالبا في الصناعة أو التجارة
- معظم إنتاج الزراعة من الحبوب الغذائية والمواد الخام الأولية مع انخفاض ملحوظ في الإنتاج البروتين الحيواني
- معظم الإنفاق على الغذاء والضروريات
- الصادرات من المواد الغذائية والمواد الأولية
- نقص نصيب الفرد من التجارة
- نقص التسهيلات الإنتمائية والتسويقية
الزراعة
- الإنتاج الزراعي بهدف تصدير محدود بسب صعوبات النقل مما يقلل من الحاجة إلى استخدام الآلات ومن الملاحظ انه في الدول النامية ويقتصر استخدام الآلات المتوفرة على الإنتاج المحاصيل التي تصدر إلي السوق الخارجية
- طرق و أساليب الإنتاج للأسواق القديمة ومنخفضة الكفاءة مما يترك القليل من الفائض للتسويق
- ارتفاع المديونية بالنسبة للممتلكات والدخل
- انخفاض استخدام الآلات الحديثة والفنية الزراعية فالآلات والمعدات محدودة وبدائية في طبيعتها
الناحية الديمغرافية
- معدل الخصوبة مرتفع أكثر من 40 في الإلف من السكان
- معدل الوفيات مرتفع كما أن أمل الحياة منخفض كذلك
- الغذاء غير مناسب وسعرات حرارية غير كافية
- سوء الحالة الصعبة
- ازدحام شديد
الناحية الحضارية والسياسة
- تعليم منخفض المستوى وارتفاع في نسبة الأمية بين اغلب السكان
- زيادة استخدام الأطفال في السوق العمل
- ضعف أو غياب الطبقة الوسطى
- انخفاض وضع المرأة ومركزها في المجتمع
- السلوك التقليدي القديم وحتمية بالنسبة للسواد الأعظم من السكان
الناحية الفنية
- نقص أو اختفاء التسهيلات لتدريب واكتساب المهارة الفنية
- عدم مناسبة النقل والمواصلات وخاصة في المناطق الريفية
- انخفاض المستوى الفني ويكمن لعلماء الاقتصاد و الاجتماع والسياسة وغيرها إضافة المزيد إلى قائمة ليبنشتاين ولكن مما لاشك فيه أن هذه القائمة قد شملت كثير من خصائص الدول النامية
المبحث الثاني : آثار العولمة
اجتاحت ظاهرة العولمة و تيارها السريع الدول والحكومات وباتت على كل لسان ومن خلال معايشة هذا الواقع الذي دفعت إليه ظاهرة العولمة ومن خلال استقراء التاريخ الإنساني للشعوب وتحليل ودراسة الظواهر الإنسانية التي عاصرتها البشرية
فانه على العكس من نظام الاعتماد المتبادل بين دول الشمال الرأس مالية المتقدمة والذي يتألف من فاعلين أقوياء ومتساوين نسبيا فان نظام الشمال (الجنوب يتألف من متخلفين في قوتهم الاقتصادية والسياسية النسبية ويتميزون بعدم المساواة مع الدول المتقدمة في معدلات دخولهم الفردية وتتمثل المشكلة الرئيسية التي تتعرض لها الأقطار التي يتألف منها هذا النظام في اعتماد هؤلاء أو بيعتيهم للفاعلين الأقوياء في نظام الدول المتقدمة ففي حين يعكس الاعتماد المتبادلة مستوى عاليا من التكامل اقتصادي والحساسية المتبادلة فإن التبعية تشير إلي تفاعل إقتصادى وسياسي غير متساويين إلى حد كبير مع أقطار الدول المتقدمة و تأخذ التبعية أشكال عدة منها التبعية التجارية والتبعية الاستشارية والتبعية المالية والتبعية التكنولوجية وتزيد التبعية من خلال عوامل غير اقتصادية مثل : الترابطات الثقافية و التحالفات والمعاهدات والروابط السياسة والعسكرية والمساعدات المالية .......إلخ
المطلب الأول : الآثار الايجابية لعولمة
نذكر منها ما يلي:- زيادة فرص تصدير سلع الدول النامية التي تمتلك فيها ميزات نسيبة إلى لسواق الدول المتقدمة
- شكل المنافسة الدولية وارتفاع أسعار السلع الزراعية المستوردة حافزا على تحسين الإنتاج الزراعي والصناعي في الدول النامية مما يزيد من النمو الاقتصادي
- الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية القادمة إلى النامية
- تحسين مستوى المعيشة بسبب خفض الضرائب الجمركية على السلع المستوردة مما يخفض أسعارها
و يجدر التنبيه إلى أن الآثار الضارة للعولمة مؤكدة الوقوع في حين أن الآثار الايجابية تمثل فرصا محتملة الوقوع إلا أن ذلك لا يعنى أن قف أمامها وأن نهرب منها أو نغلق الأبواب ونضع حواجز الفصل بيننا وبينها بل ينبغي أن ننتبه لها وأن نراجع هذه السلبيات بالوقوف على العوامل التي تؤدي إلى آثارها بشكل عام وهي :
سلوك الدول المتقدمة الصناعية في مجال تطبيقها الاتفاقية التجارية العالمية ومدى تطور الدول النامية اقتصاديا وبخاصة في قطاعات الصناعية ومستوى الإنتاجية والكفاءة الاقتصادية في قطاعات الإنتاجية المختلفة ومدي انفتاح الاقتصاد الوطني على العالم الخارجي استيرادا وتصديرا وحجم مواد ره وإمكانياته الاقتصادية وقدرته على تمويل كذلك الاستشارات في قطاعات البنية الأساسية وفي مجال البحوث والتطوير ومدى قدرته على التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية من حيث توزيع الموارد من قطاعات الإنتاج المتعلقة ومدى ارتباط الدولة بترتيبات تجارية إقليمية ويضاف إلى ذلك أمر آخر هو قدرة الدولة على مفاوضة العولمة الاقتصادية للحصول على أكبر قدر من المصالح
أ- إن تقدم العلم والتقنيات في ظل العولمة يؤدي إلى تدمير الطبيعة بدليل أن قنبلة هورشيما أدت إلى مقتل 70 ألف شخص في لحظة واحدة في حين تمتلك القوة النووية ألان مخزونا يعادل أكثر من مليون قنبلة من قنابل هورشيما معنى ذلك أن لهذه القوة قدرة على القضاء على سبعين مليارا من الكائنات الإنسانية ، أي اثنا عشر وخمس عشرة مرة مما يوجد على الأرض فضلا عن ذلك فان التربة أنهكت من المعالجات الكيماوية وهناك مشكلة تلوث الهواء ومجازر البحر و ثرواته السمكية ونفاذ مصادر الطاقة الجوفية غير المتجددة كالنفط مما يعني أن هناك تهديدا لكل الوسط الضروري للحياة، كالماء والهواء والأرض مما يجعلنا << نتساءل إذا ما واصلنا في هذه الطريق الانتحارية وإذا ما استمرت الأرض مستهترة بهذا الشكل هل ستبقى قابلة للسكن إلى نهاية القرن الواحد والعشرين>> ؟
ب- تلعب الشركات المالية التي أفرزتها العولمة دور الشرطي في البلدان المضيفة لاستثمارات هذه الشركات وعلى هذه الدول المضيفة الالتزام بادعاءات معينة في السياسات الاقتصادية ،وإلا فقد يتم سحب تلك الاستثمار والتوظيف ويؤثر ذلك في انخفاض عملات تلك الدول وانخفاض العملات الأجنبية وحدوث افلاسات مالية مما يضطرها إلى الرضوخ تحت أي شروط أو قيود ، ويعد ذلك تنازلا عن جزء كبير من سيادتها
مارتين وشومان فخ العولمة : الاعتداء علي الديمقراطية والرفاهية
ج- الأفكار التي تطرحها العولمة هي أفكار براقة وتلاقي رواجا وقبولا عند الجميع فهي عندنا تطرح حقوق الإنسان والديمقراطية والثقافة الحديثة والتخلص من التعصب الديني أو القومي أو العرقي فان مثل هذه الأفكار تبدو لمن يسعها مقبولة جدا لكن علينا إن نسال بعد ذلك ماهية الأشياء التي تجري عولمتها ؟ فإذا ازدادت سرعة النقل والموصلات واتسع السوق ، بعد إزالة الحواجز بين البلدان لانتقال السلع والخدمات والأشخاص والأفكار علينا أن نسأل ما هي طبيعة هذه السلع التي انتقلت بين البلدان وما هي نوعية المعلومات والأفكار و ما هي نوعية التقدم العلمي ؟ فالإنسان في عصر العولمة عليه أن يقبل نوعية معينة من السلع والخدمات والابتكارات فهي إذن ، عولمة نوع أو نمط معين من الحياة يفرض على الأخريين ويتم تنميق وتزيين هذا النمط الذي يسوق إلي العالم كله وإذا اقتنعنا بذالك فان صورة العولمة التي يقدمها الغرب لنا براقة بمجرد الاقتناع بان الهدف هو هذا
د- بدأت أشكال جديدة للاستعمار الحديث بعد التحرر من الاستعمار الاستيطاني تحت عدة تسميات " مناطق النفوذ والأحلاف العسكرية وعصر الاستقطاب و الشركات المتعددة الجنسيات واتفاقية تعريف التجارة الخارجية واقتصاد السوق ومجموعة الدول الصناعية السبع أو الثماني والعالم ذو القطب الواحد وثورة الاتصالات والعالم قرية واحدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق